الصف :الحادي عشر - العام الدراسي :2015/2016
منذ القدمِ والشّعرُ العربيّ منْ أَهمّ ما تحفلُ بهِ أَلسنتنَا فَقد وهبَتهُ العَربيّة الفُصحى نمطاً متناسِقاً ومعانٍ كثيرةً لغنى لُغتنا وكثرةِ مفردَاتِها (( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِيْنٍ)) ...
كما كَانَ الشّعرُ وسيلةً أُولى للتّعبيرِ عنِ الرّأيِ وله موضوعاتٌ عديدةٌ ...
للأَدبِ العربيّ خمس مراحلَ وضَعَهَا المؤرّخونَ أَوّلها العَصرُ الجاهلِيّ ثمّ الإسلَاميّثمّ العبَّاسِيّ ويليه عصرُ ما بعدَ استيلاءِ التَّتارِعلى بغدادَ حتّى الحملِة الفرنسِيّةِ على مِصْرَ فالعصرِ الخامسِ الذي يمتدّ إلى أَيّامنَا ،وحديثُنا عن العصرِ الجاهِلِيّ حيثُ كانت اللّغةُ العربيّةُ في أوجِ شبابِها وازدِهَارها وفصاحتِها فوُلد الشّعرُ العربيّ ونما يرضِع من كلماتِها ،ينبعِثُ من أفواهِ أولَئك الشّعراءِ الّذينَتعلّموا من لُغتِهِم الجمالَ وأطلقوا له العَنانَ ...
كانتْ قصّةُ الشّعرِ الجاهِلِيّ تتمحوَر حول ثلّة من الشّعراءِ الذينَ تعوّدوا نمطاً أساسياً للقصيدةِ وغدت عادةً لدى باقي الشّعراءِ حيث كانت مقدّمةُ القصيدةِ طلليَّةً فيقفونَ على الأطلالِ ببيتٍ أو بيتينِ فنرى قصَائِدهم بدأَتْ بالكلامِ عن آثارِ الدّيارِ القديمةِ ثمّ نكتشفُ أنّ موضوعَ القصيدةِ هو الهِجاءُ والذّم أو غيره من مواضيعِ الشّعرِ ،ثمّ يتطرّقونَ للحديثِ عن موضوعِهِم، وموضوعُ حديثنَا هو الغَزَلُ حيثُ يقسم إلى طريقتينِ أوّلهما الغزلُ العذريُّ والثّاني هو الغزلُ غيرُ العذريّ أو الفاحِش (الصّريح) وقد اهتمَ العربُ منذ القديمِ بشعرِ الغزلِ كاهتمامهم بغيرهِ منَ الموضوعاتِ كما كان الغزلُ العذريُّ عندَ البعضِميزاناً للنّبلِ والعفّةِ عندَ الشّعراءِ الجاهليّينَ.
ولا بدّ هنا من ذكرِ بعضِ الصّفاتِ الّتي امتازَ بها شاعرُ الغزلِ العذريّ وأهمّها الالتزامُ بمحبوبةٍ واحدةٍ ويمتازُ بالعفّة والطّهارة ولا يبالغُ الشّاعر في وصف الصّفات الجسَدية حيثُ قد لايتجاوزُ وصفَ وجهها فقطْ.
من نسماتِ الباديةِ تحتَ الشّمسِ الحارقةِ وفي ظِلال الليلِ الطّويلِ وُلدَ العشقُ الصّافي الّذي لا تكدرهُ شائِبَةٌ من الشّاعر الذي اختارَ له قلبهُ محبوبةً واحدةً مشى على دربِها بصْدقٍ وعفّةٍ وهو على شكٍّ بأنّه سيحظى بها ... هذا حالُ شعراءِ الغزل العذريّ في الجاهليّة ربطوا كلمة الحبّ بالوفاءِ وانتهجوها طريقاً ...
-
حلقة بحث94
الغزل في شعر عنترة بن شدّاد