الصف : العاشر- العام الدراسي :2015/2016
بحار أدبنا العربيّ وافرةٌ، و الغوص في أعماقها يغني العقل و يضفي جمالاً على الرّوح و يتناغم مع عواطف القلب لينتج موسيقا بشريّة عنوانها الحياة و أصلها ذوق الإنسان، فمن الاستحالة أن تجد حضارةً لم يلعب فيها الأدب دوراً لأنّه مفتاح سموّ الشّعوب و رقيّها، و الأدب قبل أن يكون أدباً كان وسيلةً لاستجرار الحكم و المشاعر و التّعابير من آبار النّفس البشريّة الغنيّة بالمعارف من جهةٍ، و الأحاسيس من جهةٍ أخرى..
و لأنّ الإنسان أدرك قيمة الأدب و أدرك أنّه موجودٌ ما وجدت البشريّة، عمل على تنميته و تطويره، و قسّمه إلى شعرٍ و نثرٍ، و عاد وقسّم كلّاً منهما بناءً على أسسٍ متعدّدةٍ، فكانت القصّة و الرّواية و المقالة و...، و كان الشّعر الملحميّ و القصصيّ والتّعليميّ و...، و لما قسّم الشّعر بناءً على الغرض تمكّن من حصره في سبعة أغراضٍ أساسيّةٍ كان الهجاء واحداً منها، و في حال تتبّعنا أقوال النّقّاد و الأدباء عن أنواع الأدب لوجدنا أنّ جلّهم يجمعون على أنّها تختلف بالمضمون إلّا أنّها لا تختلف بالنّاحية الجماليّة و المعرفة الّتي تقدّمها للقارئ، كما أنّ محتواها لا يشذّ عن الآداب العامّة و الأساليب الرّاقية، و أمام هذا الكلام اعترضني غرضٌ من أغراض الشّعر ألا و هو الهجاء الّذي اعتقد بعض العامّة أنّه خالف القاعدة و شذّ عن بقيّة أنواع الأدب ،و ظنّ بعضهم الآخر أنّه كان فنّاً جميلاً و تابعاً لغيره من أقسام الأدب، و السّؤال هنا :
هل الهجاء فعلاً سبّب انحداراً للأدب العربيّ عبر العصور أم أنّه أضفى جمالاً عليه ؟
هل تمكّن الشّعراء من التّأثير فيه و قرضه بشكلٍ إبداعيٍّ ؟ أم أنّه فنٌّ لا مجال للإبداع فيه ؟
-
حلقة بحث99
مسيرة الهجاء عبر العصور